فصل: استيلاء الملك الرحيم على شيراز.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وحشة البساسيري.

كان أبو الغنائم وأبو سعد أبا المجلبان صاحبي قريش بن بدران وبعثهما إلى القائم سرا من البساسيري بما فعل بالأنبار فانتقض البساسيري لذلك واستوحش من القائم ومن رئيس الرؤساء وأسقط مشاهراتهم ومشاهرة حواشيهم وهم يهدم منازل بني الجلبان ثم أقسر وسار إلى الأنبار وبها أبو القاسم بن المجلبان وجاءه دبيس بن مزيد ممدا له فحاصر الأنبار وفتحها عنوة ونهبها وأسر من أهلها خمسمائة ومائة من بني خفاجة وأسر أبا الغنائم وجاء به إلى بغداد فأدخله على جمل وشفع دبيس بن مزيد في قتله وجاء إلى مقابل التاج من دار الخليفة فقبل الأرض وعاد إلى منزله.

.وصول الغز إلى الدسكرة ونواحي بغداد.

وفي شوال من سنة ست وأربعين وصل صاحب حلوان من الغز وهو إبراهيم بن إسحق إلى الدسكرة فافتتحها ونهبها وصادر النساء ثم سار إلى رسغباد وقلعة البردان وهي لسعدي ابن أبي الشوك وبها أمواله فامتنعت عليه فخرب ما حولها من القرى ونهبها وقوى طمع الغز في البلاد وضعف أمر الديلم والأتراك ثم بعث طغرلبك أبا علي بن أبي كاليجار الذي كان بالبصرة في جيش من الغز إلى خوزستان فاستولى على الأهواز وملكها ونهب الغز الذين معه أموال الناس ولقوا منهم عناء.

.استيلاء الملك الرحيم على شيراز.

وفي سنة سبع وأربعين سار فولاذ الذي كان بقلعة أصطخر من الديلم وقد ذكرناه إلى شيراز فملكها من يد أبي منصور فولاستون بن أبي كاليجار وكان خطب بها للسلطان طغرلبك فخطب فولاذ بها للملك الرحيم ولأخيه أبي سعد يخادعهما بذلك وكان أبو سعد بأرجان فاجتمع هو وأخوه أبو منصور على حصار شيراز في طاعة أخيهما الملك واشتد الحصار على فولاذ وعدمت الأقوات فهرب عنها إلى قلعة أصطخر وملك الأخوان شيراز وخطبا لأخيهما الملك الرحيم.

.وثوب الأتراك ببغداد بالبساسيري.

قد ذكرنا تأكد الوحشة بين البساسيري ورئيس الرؤساء ثم تأكدت سنة سبع وأربعين وعظمت الفتنة بالجانب الشرقي بين العامة وبين أهل السنة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحضروا الديوان حتى أذن لهم في ذلك وتعرضوا لبعض سفن البساسيري منحدرة إليه بواسط وكشفوا فيها عن جرار خمر فجاؤا إلى أصحاب الديوان الذين أمروا بمساعدتهم واستدعوهم لكسرها فكسروها واستوحش لذلك البساسيري ونسبه إلى رئيس الرؤساء واستفتى الفقهاء في أن ذلك تعد على سفينته فأفتاه الحنفية بذلك ووضع رئيس الرؤساء الأعيان على البساسيري بإذن من دار الخلافة وأظهر معايبه وبالغوا في ذلك ثم قصدوا في رمضان دور البساسيري بإذن من دار الخلافة فنهبوها وأحرقوها ووكلوا بحرمه وحاشيته وأعلن رئيس الرؤساء بذم البساسيري وأنه يكاتب المستنصر صاحب مصر فبعث القائم إلى الملك الرحيم فأمره بإبعاده فأبعده.

.استيلاء السلطان طغرلبك على بغداد والخلعة والخطبة له.

قد ذكرنا من قبل رجوع السلطان طغرلبك من غزو الروم إلى الري ثم رجع إلى همذان ثم سار إلى حلوان عازما على الحج والاجتياز بالشام لإزالته من يد العلوية وأجفل الناس إلى غربي بغداد وعظم الأرجاف ببغداد ونواحيها وخيم الأتراك بظاهر البلد وجاء الملك الرحيم من واسط بعد أن طرد البساسيري عنه كما أمره القائم فسار إلى بلد دبيس بن مزيد لصهر بينهما وبعث طغرلبك إلى لقائهما بالطاعة وإلى الأتراك بالمقاربة والوعد فلم يقبلوا وطلبوا من القائم إعادة البساسيري لأنه كبيرهم ولما وصل الملك الرحيم سأل من الخليفة إصلاح أمره مع السلطان طغرلبك فأشار القائم بأن يقوض الأجناد خيامهم ويخيموا بالحريم الخلافي ويبعثوا جميعا إلى طغرلبك بالطاعة فقبلوا إشارته وبعثوا إلى طغرلبك بذلك فأجاب بالقبول والإحسان وأمر القائم بالخطبة لطغرلبك على منابر بغداد فخطب آخر رمضان من سنة سبع وأربعين واستأذن في لقاء الخليفة وخرج إليه رؤساء الناس في موكب من القضاة والفقهاء والأشراف وأعيان الديلم وبعث طغرلبك للقائم وزيره أبا نصر الكندري وأبلغه رسالة القائم واستخلفه له وللملك الرحيم وأمراء الأجناد ودخل طغرلبك بغداد ونزل بباب الشماسية لخمس بقين من رمضان وجاء هنالك قريش بن بدران صاحب الموصل وكان من قبل في طاعته.